ـ
كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يُبشِّر
أصحابه بقدوم هذا الشهر الكريم، ويحثهم
على الاجتهاد فيه، فقد روى الإمام أحمد
في مسنده بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال:
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يُبشِّر
أصحابه:
(قد
جاءكم رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم
صيامه، تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق
فيه أبواب الجحيم، وتُغل فيه الشياطين،
فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها،
فقد حُرِم).
ـ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( إِذَا
كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ
رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ
وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ
أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ
مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ
الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا
بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ
الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ
الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ
مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ
)).
رواه
الترمذي
ـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم صعد المنبر ، فقال :
" آمين
.
آمين
.
آمين
.
فلما
نزل قيل :
يا
رسول الله ، إنك حين صعدت المنبر ، قلت :
آمين
.
آمين
.
آمين
.
قال
:
إن
جبريل عليه السلام أتاني ، فقال :
من
أدرك شهر رمضان ، فلم يغفر له ، فمات ،
فدخل النار ، فأبعده الله ، قل :
آمين
.
فقلت
:
آمين
.
قال
:
ومن
أدرك أبويه ، أو أحدهما ، فلم يبرهما ،
فمات ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قل :
آمين
.
فقلت
:
آمين
.
قال
:
ومن
ذكرت عنده فلم يصل عليك ، فمات ، فدخل
النار ، فأبعده الله .
قل
:
آمين
.
فقلت
:
آمين
"
.
ـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان يقول "الصلواتُ
الخمسُ ، والجمعةُ إلى الجمعةِ ، ورمضانُ
إلى رمضانَ ، مكفِّراتُ ما بينهنَّ إذا
اجتَنَبَ الكبائر".
فضائل
رمضان وخصائصه
رمضان
فضائله لا تعد ولا تحصى
1-
رمضان
شهر القرآن
ـ
نزل فيه القرآن :
قال
الله تعالى :
(شَهْرُ
رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ
الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ
مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).
قال
الإمام ابن كثير رحمه الله :
يمدح
تعالى شهر رمضان من بين سائر الشهور بأن
اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم.
ـ
قال ابن عباس وغيره:
أنزل
الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ
إلى بيت العزة من السماء الدنيا,
ثم
نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين
سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـ
وليس القرآن وحده الذي أنزل في رمضان بل
جاء الحديث بأنه الشهر الذي نزلت فيه
الكتب الإلهية على الأنبياء.
فقد
أخرج الإمام أحمد في مسنده عن واثلة بن
الأسقع أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-
قال
«
أنزلت
صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من
رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان،
والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل
القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان ».
ـ
ويتأكد الإكثار من تلاوة القرآن الكريم
في شهر رمضان الكريم تأسيا بخير خلق الله
تعالى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
ـ
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال:
"كان
يَعرِضُ على النبي صلى الله عليه وسلم
القرآنَ كلَّ عامٍ مرَّةً، فعرَضَ عليهِ
مرَّتينِ في العامِ الذي قُبِضَ فيه".
2-
شهر
الصيام
ـ
صيام هذا الشهر فرض عين على كل مسلم، حيث
يعتبر صيامه الركن الرابع من أركان الإسلام
الخمسة.
(بني
الإسلام على خمس)
ـ
قال الله تعالى (فَمَن
شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)
ـ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم:
«مَن
صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ
لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ»
ـ
في الحديث القدسي:
((عن
أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ
كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا
الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي
بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ
يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ
وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ
أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ
صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ
أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ
الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ
يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ
وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ))
ـ
وفي الصحيحين عن النبي قال:
((إن
في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه
الصائمون لا يدخل منه غيرهم)).
وفي
رواية:
((فإذا
دخلوا أغلق))
وفي
رواية:
((من
دخل شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا)).
3-
شهر
القيام
ـ
فقد أجمع المسلمون على سنية قيام ليالي
رمضان ، أي صلاة التراويح .
ـ
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال :
" من
قام رمضان إيمانا واحتسابا ، غفر له ما
تقدم من ذنبه ".
4-
شهر
الاعتكاف والعشر الأواخر
ـ
عن عائشة رضي الله عنها، قالت :
" أن
النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يعتكف
العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله
، ثم اعتكف أزواجه من بعده".
5-
فيه
ليلة القدر
ـ
وهي ليلة خير من ألف شهر:
قال
الله تعالى (إِنَّا
أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
(1)
وَمَا
أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)
لَيْلَةُ
الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ
(3)
تَنَزَّلُ
الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ
رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4)
سَلامٌ
هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
ـ
(فيه
ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها،
فقد حُرِم).
6-
شهر
الصدقة وزكاة الفطر
ـ
عن ابن عباس ، قال :
" كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس
، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه
جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان
فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله
عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة
".
ـ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَنْ
فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ
أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ
مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا "
.
7-
عمرة
رمضان تعدل حجة
ابْنَ
عَبَّاسٍ ، يَقُولُ :
قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ
قَدْ سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَنَسِيتُ
اسْمَهَا :
" مَا
مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا الْعَامَ
، قَالَتْ :
يَا
نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّمَا كَانَ لَنَا
نَاضِحَانِ ، فَرَكِبَ أَبُو فُلانٍ
وَابْنَةٌ لِزَوْجِهَا نَاضِحًا ،
وَتَرَكُوا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ
، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
فَإِذَا
كَانَ فِي رَمَضَانَ فَاعْتَمِرِي فِيهِ
، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ
حَجَّةً "
.
8-
شهر
السحور
ـ
المُداوَمةُ على السَّحور لبركته،
واستحبابُ تأخيره؛ لقوله صلَّى الله عليه
وسلَّم:
«تَسَحَّرُوا؛
فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»،
وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم:
«إِنَّ
اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
المُتَسَحِّرِينَ»،
وقد جَعَلَهُ النبيُّ صلَّى الله عليه
وسلَّم عبادةً يتميَّزُ بها أهلُ الإسلام
عن أهل الكتاب، فقال:
«فَصْلُ
مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ
الكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ».
التليفزيون
واللهو الباطل
من
المصيبة في حق المسلم أن يضيع ساعات هذا
الشهر الكريم أمام التليفزيون.
فيلهو
بهذا اللهو الباطل عن الطاعة التي أمر
بها.
ـ
وقد قال عليه الصلاة والسلام:
(كل
لهو باطل)
واللهو
الباطل هو ما أشغل عن ذكر الله.
ولا
يخفى على كل عاقل أنه إذا كانت شياطين
الجن تصفد فإن شياطين الإنس حرة طليقة
وهي لا تكف عن أفعالها وتزينها الباطل
ـ
قال ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله
وَسَلَّمَ ـ :
( رُبَّ
صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا
الْجُوعُ)
ـ
قوله صلى الله عليه وسلم:
((من
لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله
حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).
قال
بعض السلف:
أهون
الصيام ترك الشراب والطعام.
وقال
جابر:
إذا
صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب
والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك
سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك
ويوم فطرك سواء.
وكان
السلف إذا صاموا جلسوا في المساجد وقالوا:
نحفظ
صومنا ولا نغتاب أحدا.
ـ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من
صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي أن
يتحفظ منه كفَّر ما قبله )).
من
أفطر رمضان بغير عذر
ـ
يجب الصيام على كل مسلم عاقل بالغ قادر
مقيم .
وأن
مَن أفطر يومًا في رمضان عمدًا، فقدِ
ارتكبَ إثما عظيمًا، ووقع في كبيرة من
كبائر الذنوب، ويكون به الإنسان فاسقا
، لأن صوم رمضان رُكن من أركان الإسلام.
وقد
دلت السنة المشرفة على الوعيد الشديد لمن
ترك الصوم فعن أبي أمامة الباهليّ قال:
سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"بينا
أنا نائمٌ إذْ أتاني رجُلانِ فأخذا
بِضبْعيَّ -الضَّبْع
هو العضُد-
فأتيا
بي جبلاً وعِرًا، فقالا:
اصعَدْ
فقلت:
إني
لا أطيقه.
فقالا:
إنا
سنسهله لك، فصعِدْتُ حتى إذا كنت في سواء
الجبل إذا بأصواتٍ شديدةٍ، قلت:
ما
هذه الأصوات؟ قالوا:
هذا
عواء أهل النار، ثم انطلقا بي فإذا أنا
بقوم معلقين بعراقيبهم، مشقَّقة أشداقُهم،
تسيل أشداقهم دمًا، قلت:
من
هؤلاء؟ قال:
هؤلاء
الذين يُفْطِرون قبل تَحِلَّة صومهم"
(رواه
ابن خزيمة وابن حبان)
في
صحيحيهما، وصحَّحه الألبانيُّ، وقوله
"قبل
تحلة صومهم"
معناه:
يُفطرون
قبل وقت الإفطار.
هذه
عقوبة من صام ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت
الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا
؟!
قال
الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه
(الكبائر)
: وعند
المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان من غير
عذر أنه شرّ من الزاني ومدمن الخمر ، بل
يشكّون في إسلامه ، ويظنّون به الزندقة
والانحلال .
تعليقات
إرسال تعليق